سعى الأسبقون منذ قديم الزمن إلى بلوغ هدفين بعيدين : تحويل المواد الرخيصة إلى ذهب ، و إنتاج نوع من الدواء يسمى " إكسير الحياة" الذي يمكنه علاج جميع الأمراض، و جعل الانسان يعيش إلى الأبد . و قد كان هذان الهدفان مترابطين، فالذهب كان خاملاً لا يتفاعل، لذلك كان لا يصدأ ولا يتآكل، أي يبقى إلى الأبد، و كان من المأمول أن يمنح الأكسير الناس الشيء نفسه، فاعتقدوا أن مادة واحدة يمكنها تحقيق الهدفين اسمها " حجر الفلاسفة " و هي مادة أسطورية حمراء اللون يُفترض أنها كثيفة، شمعية ، و لها قدرات مميزة تمكن صاحبها من تحويل المعادن الأساسية مثل الرصاص إلى ذهب أو إطالة العمر و شفاء المرضى .
بالطبع سيطر هذا الحلم على مخيلة الناس لآلاف السنين، فبذل الباحثون عن الثراء و المشعوذون على مر العصور أقصى جهودهم لتحقيقه. إلا أن مساعيهم كانت عقيمة، لأنها لم تسلك المنهج العلمي،و نتج عن ذلك علم قديم عُرف بـ "الخيمياء " تطور منها علم الكيمياء المعاصرة، و كان من أبرز أعلامه جابر بن حيان، الذي عمل على إيجاد طريقة لتحويل الرصاص إلى ذهب طيلة حياته .
و مع بزوغ فجر القرن العشرين، و مع تطور العلوم و تقنية النانو، أصبح يستطيع العلماء اليوم تحقيق هذا الحلم الأسطوري، و تحقيق حلم جابر بن حيان بتحويل الرصاص إلى ذهب، ليس من الناحية النظرية فقط، بل من الناحية العملية أيضاً !
ففي عام 1972 اكتشف العلماء عن طريق الصدفة أن الدرع الرصاصي الرئيسي للمفاعل النووي الذي يقع بالقرب من بحيرة بايكال في سيبيريا قد تحول إلى ذهب .
و في عام 1980 كانت هناك تجربة ناجحة للعالم جلين سيبورج، لتحويل عنصر البزموت - يقع بعد الرصاص مباشرة في الجدول الدوري- إلى الذهب، باستخدام مسرع الجسيمات، حيث قام فصل 4 بروتونات من نواة ذرة البزموت فتحولت إلى نواة ذرة الذهب .
لكن لماذا لا نعمم هذه التجارب و نبدأ بتحويل المواد الرخيصة إلى ذهب ؟
حسناً، إن ما يمنع تعميمها هو التكلفة العالية لعملية التحويل و الطاقة الهائلة التي تلزمها، فقيمة المكونات التي سنستخدمها لتحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب، تفوق قيمة الذهب نفسه بأضعاف مضاعفة، لكن إذا عرفنا في يوم ما عملية قادرة على فعل ذلك و بتكلفة أرخص من الذهب، عند ذلك سنكون فعلاً قد حققنا ذلك الحلم الذي راود الكيميائيين لآلاف السنين .
- الصورة المرفقة عبارة عن لوحة فنية من عام 1771 لجوزيف رايت تظهر الخيميائي هينينغ براند وهو يبحث عن حجر الفلاسفة لكنه اكتشف عنصر الفوسفور .
- مصادر في التعليقات .
#علوم_وأشياء_أخرى